مساهمات حول التضخم والإقراض الصغير في السياق الفلسطيني في عدد جديد من
"سياسات"56"
صدر حديثا عن معهد السياسات العامة برام الله العدد 56 من فصلية "سياسات"، يتضمن
مساهمات تركز على عدد من المستجدات السياسية والاقتصادية، حيث تعالج التضخم
العالمي، وما يعنيه وما يطرحه من تحديات، إلى جانب مسائل تشريعية وتنموية تتكامل في
بحثها عن اقتراحات تخفف من وطأة العبء وتفاقم تداعياته.
ففي مقال افتتاحي للصحافي الاقتصادي جعفر صدقة تحت عنوان "التضخم في فلسطين: حُمولة
تضاف لأعباء متراكمة" إضاءة على معضلة التضخم وخصوصيتها في فلسطين وعبئه عليها، من
جهة أن التضخم يأتي على واقع مُنهك سلفاً، ما يجعل تبعاته أكثر قسوة وخطورة.
في العدد دراسة متكاملة تحت عنوان"أثر
السياسة النقدية الفلسطينية والإسرائيلية على معدلات التضخم في فلسطين خلال الفترة
2013-2022"
أنجزها المحاضر في جامعة فلسطين التقنية خضوري د. محمد أبو عمشة والمتخصصة في
الاقتصاد المالي مرام نايفة، تناولت بعض المؤشرات الاقتصادية التي تمثلت في أدوات
السياسة النقدية الفلسطينية (حجم الاحتياطي الإلزامي، التوظيفات الخارجية،
التعليمات المنظمة للائتمان)، بالإضافة إلى أدوات السياسة النقدية الإسرائيلية (عرض
النقد، أسعار الفائدة، التضخم في إسرائيل)، وذلك لمعرفة أثر هذه المتغيرات على
التضخم في فلسطين. وقد تمثلت مشكلة الدراسة في معرفة أثر السياسة النقدية
الإسرائيلية ومدى فعالية السياسة النقدية التي يتم استخدامها في فلسطين، التي لا
تمتلك عملة وطنية لمحاربة مشكلة التضخم.
ليس بعيداً عن عبء الحال الاقتصادي وأسئلة التعامل معها، في العدد دراسة عن "سياسات
شركات الإقراض الصغير في فلسطين" أنجزها الباحث في السياسات العامة زكريا السرهد"،
و"قراءة قانونية لمشروع قانون الضريبة على القيمة المضافة" أنجزها محاضر التشريعات
الاقتصادية والمالية في الجامعات الفلسطينية وائل يوسف خليل نصار.
يتضمن العدد "قراءة في بنية الخطاب الديني الفلسطيني" لرئيس تحرير مجلة العلوم
السياسية والقانون ــ بـرلين د. علاء نزار العقاد، واستعادة لتجربة لجزء مُهمل من
تاريخ الإذاعة الفلسطينية تحت عنوان "نشــأة
الدراما الإذاعية بين المفهـــوم والتطبـيق- تجـــربة الإذاعة الفلســـــطينية (من
عام 1935 إلى عام 2017)" للإذاعي والخبير الإعلامي خـــــالد صــــــــيام.
في باب مقالات يناقش الكاتب والمحلل السياسي محمد هواش الذهاب إلى لقاء العقبة
وسياقه في ضوء الوقائع الميدانية وعودة نتنياهو إلى الحكم بحكومة أقصى يمين، بينما
يشرح الكاتب برهوم جرايسي ماهية التغير في إسرائيل تحت عنوان "سطوة الدينية
اليمينية.. توقعات مستقبلية دهمت إسرائيل مبكراً" ويتعمق نقاش الهوية في المشهد
الإسرائيلي بمساهمة للباحث حسام أبو النصر على "الصراع الهوياتي لدى اليهود العرب".
دولياً، تتحدى الحرب في أوكرانيا تركيبة النظام الدولي الراسخة منذ الحرب العالمية
الثانية، وتحرض الأسئلة المتعلقة بما تحمله الحرب من مخاطر وما تفتحه من فرص للقوى
الطامحة، في هذا الإطار يوقّع د. عوض سليمية دراسة تحت عنوان "الحرب
الروسية-الأوكرانية والتوظيف الواقعي لدول الأغلبية العالمية
في إنهاء الهيمنة الغربية على النظام الدولي".
في زاوية قراءة في كتاب نعود إلى صراع فلسطين على البقاء في مواجهة مشروع المحو،
حيث يقدّم الكاتب عبد الغني سلامة قراءة نوعية لكتاب نوعي صدر حديثاً للدكتور علي
الجرباوي تحت عنوان "من الطرد إلى الحكم الذاتي: المسعى الصهيوني لوأد فلسطين".
ومما جاء في مقدمة العدد:
"مِن طبائع الخطاب الكولولنيالي أن يُجاور بين إنكار "وجود" الشعوب الأصلية والرغبة
العارمة في محوها. فالوزير المستجد بتسلئيل سموتريتش الذي طالب - رسمياً - بمحو
حوارة من "الوجود"، هو نفسه الذي أعلن بعدها بفترة وجيزة "نظريته" الفقيرة عن
"اختراع الشعب الفلسطيني".
يتفاوت التعبير عن نوايا المحو وبرامجه داخل الجسم الكولونيالي بين فئات تجتهد في
"تقنيع" نواياها إلى درجة تصوير استعمارها كأنه "هدية"، وأخرى تلوّح بنوايا المحو
علناً كبرنامج سياسي شرعي ومفهوم ضمناً. ولحسن الحظ، ما تزيّنه المخيلة
الكولونيالية المريضة من أساطير لن تتوانى عن إفساده الوقائع الوعرة للشعوب الحيّة.
ما سبق لا ينفي خطورة الأيديولوجيا التي أضاءت ليل حوارة بالحريق المُفزع،
فسموتريتش ليس نبتاً غريباً في الحقل، إنما هو تفريعات سامة لجذوره العميقة. صحيح
أن الوحش الذي أطلقه الإسرائيليون في جبال الضفة الغربية يُنشب مخالبه عليهم في
شوارع تل أبيب الآن، لكن واقع اضطهاد الفلسطينيين لا يزال موضع إجماع المتقاتلين،
ثم إنه من الصعب التكهّن بعد كيف سيتطور الشرخ الداخلي هناك، وكيف سينعكس على ما
يحدث هنا".
نسخة محوسبة من العدد